للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالوا: الظّلم هو التّصرّف في ملك الغير أو مخالفة الآمر الذي تجب طاعته، وكلاهما ممتنع في حقّه سبحانه، فالظّلم مستحيل عليه، ومعناه غير متحقّق فيه (١).

والأصل الذي تفرّعت عنه مذاهبهم قولهم في أفعال العباد، وذلك أنّ أفعال العباد إن كانت من خلق الله تعالى كان عذابهم عليها ظلمًا؛ إذ كيف يعذبون على ما خلق فيهم؟

ومن ثم اختلفوا في أفعال العباد، وانبنى على اختلافهم فيها اختلافهم في حقيقة الظّلم ومعنى تنزيه الله عنه.

والحقّ أنّ الظّلم في اللغة: وضع الشّيء في غير موضعه (٢)، وهو في الشّرع بمعناه في اللغة (٣).

فالله سبحانه حكم عدل يضع الأشياء مواضعها فلا يضع شيئًا إلا في موضعه الذي يناسبه، فلا يفرّق بين متماثلين ولا يسوّي بين مختلفين.

وهو سبحانه حرّم الظّلم على نفسه بفعله وإرادته بعد قدرته عليه تفضّلًا منه سبحانه، وعدلًا منه عَزَّ وَجَلَّ.

وقد فسّره سلف الأمّة وأئمّتها بأنّه لا يُحمّل المرء سيئات غيره، ولا يعذّبه بما لم تكسب يداه، وأنّه لا ينقص من حسناته فلا يجازى بها أو ببعضها (٤).

وهذا هو الظّلم الذي نفى الله خوفه عن العبد بقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ


(١) انظر: التمهيد للباقلاني (ص ٣٨٤)، الاقتصاد في الاعتقاد. للغزالي (ص ١١٥)، أصول الدين (ص ١٣١)، المواقف (ص ٣٢٢)، تحفة المريد (ص ١١١).
(٢) انظر: تهذيب اللغة (٣/ ٢٢٤٨)، معجم مقاييس اللغة (ص ٦٤١)، الصحاح (٥/ ١٩٧٧)، لسان العرب (١٢/ ٣٧٠٣)، القاموس المحيط (ص ١٤٦٤).
(٣) انظر: جامع الرسائل (١/ ١٢٣).
(٤) انظر: المصدر السابق (١/ ١٢٤)، مجموع الفتاوى (٨/ ٥٠٥)، درء التعارض (٨/ ٢٣)، منهاج السنة (٢/ ٢٣٦)، مفتاح دار السعادة (٢/ ١٠٧)، شفاء العليل (٢/ ٧٥٣ - ٧٥٤)، مدارج السالكين (١/ ٢٣٦)، شرح الطحاوية (٢/ ٦٥٩)، دفع الشبهة والغرر (ص ١١٨ - ١٣١)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٢٨٨).

<<  <   >  >>