للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠) يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٢٨ - ٣٣].

فأخبر سبحانه أنّ فعلهم فاحشة قبل نهيه عنه، وأمر باجتنابه بأخذ الزينة ...

ثم قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} أي: لا يأمر بما هو فاحشة في العقول والفطر، ولو كان إنّما عُلم كونه فاحشة بالنّهي، وأنّه لا معنى لكونه فاحشة إلا تعلّق النّهي به، لصار معنى الكلام: إنّ الله لا يأمر بما ينهى عنه، وهذا يُصان عن التّكلّم به آحاد العقلاء فضلًا عن كلام العزيز الحكيم ...

ثم قال: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢] دلّ على أنّه طيّب قبل التّحريم، وأنّ وصف الطّيب فيه مانع من تحريمه مناف للحكمة.

ثم قال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: ٣٣]، ولو كان كونها فواحش إنّما هو لتعلّق التّحريم بها، وليست فواحش قبل ذلك، لكان حاصل الكلام: قل إنّما حرّم ربّي ما حَرَّم. وكذلك تحريم الإثم والبغي، فكون ذلك فاحشة وإثمًا وبغيًا بمنزلة كون الشّرك شركًا، فهو شرك في نفسه قبل النّهي وبعده ... " (١).

وعليه فما قرّره ابن حجر - عفا الله عنه - في هذه المسألة موافق لقول الأشاعرة والرّدّ عليه من طريقين:


(١) مدارج السالكين (١/ ٢٣٢ - ٢٣٤).

<<  <   >  >>