للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله جل وعلا: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: ١٠٠]، وقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨].

ومن السُّنّة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه" (١).

وأما الإجماع: فقد أجمع أهل العلم على تحريم سبهم والطعن عليهم إجماعًا قطعيًا.

يقول العلامة الألوسي - رَحِمَهُ اللهُ -: "حرمة سب الصحابة - رضي الله عنهم - مما لا ينبغي أن ينتطح فيه كبشان، أو يتنازع فيه اثنان" (٢).

وسب الصحابة - رضي الله عنهم - ليس على مرتبة واحدة، بل له مراتب متفاوتة، فإن سبهم أنواع، فمنها سب يطعن في عدالتهم، ومنها سب لا يوجب الطعن في عدالتهم، والسب قد يكون لجميعهم أو أكثرهم، وقد يكون لبعضهم، وهذا البعض قد يكون ممن تواترت النصوص بفضله وقد لا يكون كذلك (٣).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ -: "من سبهم سبًّا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم - مثل وصف بعضهم بالبخل، أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك - فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا يحكم بكفره بمجرّد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء.


(١) أخرجه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب لو كنت متخذًا خليلًا (٣/ ١١٣٠) برقم (٣٦٧٣)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة (٤/ ١٩٤٧) برقم (٢٥٤٠).
(٢) الأجوبة العراقية (ص ٤٩).
(٣) انظر: الشفا (٢/ ١١٠٨ - ١١١٤)، الصارم المسلول (٣/ ١١١٠ - ١١١١)، إلقام الحجر (ص ٦٧ - ٧٢)، الرد على الرافضة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ضمن مجموع مؤلفاته (١١/ ١٨ - ١٩)، وللاستزادة: نواقض الإيمان القولية والعملية للدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف (ص ٤٠٥ - ٤٣٥).

<<  <   >  >>