للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما من لعن وقبَّح مطلقًا فهذا محل الخلاف فيهم، لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.

وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نفرًا قليلًا لا يبلغون بضعة عشر نفسًا، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب في كفره؛ فإنه مكذب لِمَا نصّه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم، والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ... " (١).

ويقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رَحِمَهُ اللهُ -: "من اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم وارتدادهم وارتداد معظمهم عن الدين، أو اعتقد حقيّة سبهم وإباحته، أو سبهم مع اعتقاد حقية سبهم أو حليّته فقد كفر بالله ورسوله فيما أخبر من فضائلهم وكمالاتهم المستلزمة لبراءتهم عما يوجب الفسق والارتداد وحقية السب أو إباحته، ومن كذبهما فيما ثبت قطعًا صدوره عنهما فقد كفر ...

ومن خص بعضهم بالسب:

فإن كان ممن تواتر النقل في فضله وكماله كالخلفاء فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته فقد كفر؛ لتكذيبه ما ثبت قطعًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومكذبه كافر، وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته فقد تفسق؛ لأن سباب المسلم فسوق، وقد حكم بعض فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقًا، والله أعلم.

وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله فالظاهر أن سابه فاسق، إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن ذلك كفر" (٢).

وعليه فحكم الساب يختلف باختلاف اعتقاده، ومن سبَّه، ومتعلق سبِّه، وكلام ابن حجر - رَحِمَهُ اللهُ - المتقدم اقتصر على بعض هذه الاعتبارات.


(١) الصارم المسلول (٣/ ١١١٠ - ١١١١).
(٢) الرد على الرافضة ضمن مجموع مؤلفاته (١١/ ١٨ - ١٩).

<<  <   >  >>