للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثانيهما: الالتزام.

والتصديق إنما يتضمن الأول دون الثانى، بخلاف الإقرار فإنه يتضمنهما جميعًا (١).

ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "معلوم أن الإيمان هو الإقرار لا مجرد التصديق، والإقرار يتضمن قول القلب الذي هو التصديق، وعمل القلب الذي هو الانقياد" (٢).

وبناء على ذلك فما ذكره ابن حجر -غفر الله له- من كون الإيمان في اللغة هو مطلق التصديق مردود.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ليس لفظ الإيمان مرادفًا للفظ التصديق كما يظنه طائفة من الناس ... وذلك أن الإيمان يفارق التصديق، أي: لفظًا ومعنى.

فأما اللفظ، فمن وجهين:

أحدهما: أنه يقال: صدقه، فيتعدى بنفسه إلى المصدق، ولا يقال: أمنته، إلا من الأمان الذي هو ضد الإخافة، بل آمنت له ... كما يقال: أقررت له، فهذا فرق في اللفظ.

والفرق الثاني: ... أن الإيمان لا يستعمل في جميع الأخبار، بل في الإخبار عن الأمور الغائبة، ونحوها مما يدخلها الريب، فإذا أقر بها المستمع قيل: آمن، بخلاف لفظ التصديق؛ فإنه عام متناول لجميع الأخبار.

وأما المعنى:

فإن الإيمان مأخوذ من الأمن الذي هو الطمأنينة، كما أن لفظ الإقرار مأخوذ من قر يقر، وهو قريب من آمن يأمن، لكن الصادق يطمأن إلى خبره، والكاذب بخلاف ذلك كما يقال: الصدق طمأنينة والكذب ريبة؛ فالمؤمن دخل في الأمن كما أن المقر دخل في الإقرار، ولفظ الإقرار يتضمن الالتزام، ثم إنه يكون على وجهين:


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٥٣٠ - ٥٣١).
(٢) المصدر السابق (٧/ ٦٣٨).

<<  <   >  >>