للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به فهو مخلوق قطعًا، أو ما دلّ عليه وصفه تعالى بالمؤمن فهو غير مخلوق قطعًا" (١).

التقويم:

القول في خلق الإيمان وعدمه "من مسائل الفضول، والسكوت أولى" (٢).

وقد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه سئل عن ذلك؟ فقال: "من قال مخلوق فهو جهمي، ومن قال إنه غير مخلوق فقد ابتدع، وأنه يهجر حتى يرجع" (٣).

وأصل هذه المقالة ترجع إلى القول باللفظ في القرآن، فقد نهى الإمام أحمد رحمه الله عن قول إنه مخلوق أو غير مخلوق، وذلك لأن (اللفظ) كلمة مجملة تشترك بين الملفوظ الذي هو القرآن وهو غير مخلوق، وبين التلفظ الذي هو فعل العبد وهو مخلوق (٤).

و (الإيمان) من هذا الباب، فإنه لفظ مجمل مشترك، يشترك فيه صفات الله وكلامه، وفعل العبد وكلامه.

ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا قال الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟

قيل له: ما تريد بالإيمان؟

أتريد به شيئًا من صفات الله وكلامه، كقوله: "لا إله إلا الله" وإيمانه الذي دلّ عليه اسمه المؤمن؟ فهو غير مخلوق.

أو تريد شيئًا من أفعال العباد وصفاتهم؛ فالعباد كلهم مخلوقون، وجميع أفعالهم وصفاتهم مخلوقة، ولا يكون للعبد المُحدَث المخلوق صفة قديمة غير مخلوقة، ولا يقول هذا من يتصور ما يقول.

فإذا حصل الاستفسار والتفصيل ظهر الهدى وبان السبيل، وقد قيل:


(١) فتح المبين (ص ٧٧ - ٧٨).
(٢) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٦٣٠).
(٣) طبقات الحنابلة (٢/ ١٧٦).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٦٥٥).

<<  <   >  >>