للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء، وأمثالها مما كثر فيه تنازع الناس بالنفي والإثبات إذا فصل فيها الخطاب، ظهر الخطأ من الصواب" (١).

وعليه فما قرره ابن حجر رحمه الله من التفصيل في هذه المسألة موافق لِمَا عليه أهل السنة والجماعة في الجملة، إلا أنه يؤخذ عليه أمران:

أحدهما: حكايته عن الأشعري نسبته القول بعدم خلق الإيمان للإمام أحمد وجماعة من أهل الحديث، وهي متعقبة بما يلي:

١ - أن الذي ذكره الأشعري رحمه الله في حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة من المقالات خلاف ما نقله عنه ابن حجر حيث قال: "ويقرون بأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ولا يقولون: مخلوق ولا غير مخلوق" (٢).

وقد تتبعت ما طبع من كتب الأشعري رحمه الله فلم أجد في شيء منها ما نقله ابن حجر عنه.

ولو صح ما ذكره ابن حجر رحمه الله عن الأشعري فهو من جملة ما حكاه عن أصحاب الحديث وهو متعقب فيه، فإنه -غفر الله له- لم يكن خبيرًا بأقوالهم ومذاهبهم (٣).

٢ - أن الذي عليه جماهير أهل الحديث التفصيل في خلق الإيمان وعدمه -كما تقدم- لا القول بعدم خلقه.

يقول الإمام الذهبي رحمه الله: "الذي صح عن السلف وعلماء الأثر أن الإيمان قول وعمل، وبلا ريب أن أعمالنا مخلوقة، لقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات: ٩٦]، فصح أن بعض الإيمان مخلوق،


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٦٦٤)، وانظر: الإيمان لابن مندة (١/ ٣٢٧)، مسائل الإيمان لأبي يعلى (ص ٤٥٩)، والروايتين والوجهين له (ص ٨٢ - ٨٥)، مختصر المعتمد له (ص ١٩١)، مجموع الفتاوى (٧/ ٦٥٥) وما بعدها، سير أعلام النبلاء (٦٣٠/ ١٢) (١٤/ ٣٩).
(٢) مقالات الإسلاميين (١/ ٣٤٧).
(٣) انظر: منهاج السنة (٥/ ٢٧٥ - ٢٧٨، ٣٠٣ - ٣٠٤).

<<  <   >  >>