للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم من يقول: الكفر هو الجهل بالله تعالى، ثم قد يجعل الجهل بالصفة كالجهل بالموصوف، وقد لا يجعلها، وهم مختلفون في الصفات نفيًا وإثباتًا.

ومنهم من لا يحد بحد، بل كل ما تبين له أنه تكذيب لِمَا جاء به الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر، جعله كفرًا، إلى طرق أخرى ... " (١).

ولهذا فتأسيسًا على ما سبق من كون الإيمان عند أهل السنة والجماعة اعتقادًا بالقلب وقولًا باللسان وعملًا بالجوارح، وكونه عند جمهور الأشاعرة مجرد تصديق القلب.

قال أهل السنة والجماعة بأن الكفر يكون بالاعتقاد، أو القول، أو العمل، أو بها جميعًا، وأن الكفر بالقول والعمل يقع بمجرده، دون اشتراط اقترانه بالتكذيب أو عدم الانقياد، أو كونهما علامة أو دليلًا عليهما (٢).

وقال جمهور الأشاعرة بأن الكفر يكون بالاعتقاد، والقول، والعمل؛ إلا أن وقوع الكفر بالقول والعمل لكونهما دليلًا على التكذيب أو عدم الانقياد وعلامة عليهما، لا لأنهما كفر بمجردهما (٣)، وهو ما قرره ابن حجر -عفا الله عنه- في كلامه المتقدم.

والقول بذلك ظاهر البطلان، والرد عليه من طريقين:

أحدهما: النقض، وذلك بأن يقال:

أولًا: أن القول بذلك فرع عن القول بأن الإيمان هو مجرد التصديق وهو باطل -كما سبق- (٤) فما هو فرع له كذلك.


(١) منهاج السنة (٥/ ٢٥١).
(٢) انظر: تعظيم قدر الصلاة (٢/ ٩٣٠)، مجموع الفتاوى (٧/ ٢٢٠، ٥٥٧ - ٥٥٨)، الصارم المسلول (٣/ ٩٥٥) وما بعدها، الدرر السنية (١٠/ ١٤٩) وما بعدها، وللاستزادة: التوسط والاقتصاد في أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد لعلوي السقاف.
(٣) انظر: أصول الدين للبغدادي (ص ٢٦٦)، المواقف (ص ٣٨٨)، وشرحها (٨/ ٣٣١ - ٣٣٢)، شرح المقاصد (٥/ ٢٢٤ - ٢٢٥).
(٤) انظر: (ص ٦٦٥).

<<  <   >  >>