للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يدل على أن عمل المولد المشتمل على ما مر من الإحسان الواسع والذكر الكثير بدعة حسنة:

إكثار الإمام الكبير أبي شامة (١) شيخ النووي - رحمهما الله - الثناء على الملك المظفر (٢) صاحب إربل (٣) بما كان يفعله من خيرات في هذه الليلة مما لم يحك بعضه عن غيره ... فثناء هذا الإمام على هذا الفعل في هذه الليلة أول دليل على أنها بدعة حسنة، لا سيما أبو شامة - رحمه الله تعالى - إنما ذكر هذا الثناء الفائق في كتابه الذي سماه الباعث على إنكار البدع والحوادث (٤)، فذكر ذلك الثناء والمدح في هذا الكتاب الموضوع لإنكار البدع أول دليل على أن ذلك ليس من البدع التي تنكر بل من التي تستحسن وتشكر ...

واستدل شيخ الإسلام الحافظ أبو الفضل ابن حجر لكونها بدعة حسنة بخبر الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قدم المدينة ووجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ونجّى موسى، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "فنحن أحق بموسى منكم" فصامه وأمر بصيامه، وقال: "إن عشت إلى قابل ... " الحديث (٥).


(١) هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي، الدمشقي، شهاب الدين، أبو القاسم، المشهور بأبي شامة، من أئمة الشافعية في وقته، له مؤلفات منها: الباعث على إنكار البدع والحوادث، المؤمل للرد إلى الأمر الأول، المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز وغيرها. توفي سنة ٦٦٥ هـ.
انظر: تذكرة الحفاظ (٤/ ١٤٦٠)، شذرات الذهب (٥/ ٣١٨).
(٢) هو الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي كوحك التركماني تولى الملك بعد أبيه سنة ٥٦٣ هـ، اشتهر بعمل المولد والاحتفال الهائل به، توفي سنة ٦٣٠ هـ.
انظر: وفيات الأعيان (٤/ ١١٣ - ١٢١)، شذرات الذهب (٥/ ١٣٨).
(٣) إربل: بالكسر ثم السكون قلعة حصينة ومدينة كبيرة تعد من أعمال الموصل، وقد قام بعمارتها الأمير كوكبري، وأكثر أهلها من الأكراد، وتقع شمال العراق شرقي مدينة الموصل.
انظر: معجم البلدان (١/ ١٣٧).
(٤) انظر: (ص ٩٥).
(٥) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء (٢/ ٥٩٣) برقم (٢٠٠٤)، ومسلم =

<<  <   >  >>