للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال - أعني: شيخ الإسلام -: "فيستفاد منه فضل الشكر لله تعالى بأنواع العبادات على ما منّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي، نبي الرحمة في ذلك اليوم - صلى الله عليه وسلم - ...

ثم ينبغي أن يتحرى اليوم بعينه، فإن كان قد ولد ليلًا فليقع الشكر بما يناسب الليل كالإطعام والقيام، وإن كان قد ولد نهارًا فبما يناسب كالصيام، ولا بد أن يكون ذلك اليوم من عدد أيام ذلك الشهر بعينه حتى يطابق قصة موسى عليه الصلاة والسلام في يوم عاشوراء، ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر، بل توسع قوم فتعلق إلى أي يوم كان من السنة وفيه منافرة، وبالجملة فلا بأس أن نفعل الخير في سائر الأيام والليالي التي وقع الاختلاف في تعيينها للمولد حسبما يأتي على حسب الاستطاعة، بل يحسن في أيام الشهر كلها ولياليه". انتهى (١).

وقد جاء عن الإمام الزاهد والقدوة المعمر أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الرحيم بن جماعة (٢) أنه لَمّا كان بطيبة على مشرّفها أفضل الصلاة والسلام كان يعمل بها طعامًا في المولد النبوي، ويطعم الناس، ويقول: لو تمكنت لعملت بطول الشهر كل يوم مولدًا" (٣).

وأنكر - رَحِمَهُ اللَّهُ - بعض ما يحصل في الاحتفال بالمولد من القبائح فقال: "في بيان قبائح صدرت من الناس مقترنة بعمل المولد، منها لا سيما بمكة:

اختلاط الرجال بالنساء في المسجد الحرام ... وخروجهم إلى زيارة محل المولد المشهور على أقبح هيئة وأشنع رؤية ويسمون ذلك زفة المولد،


= كتاب الصيام، باب صوم يوم عاشوراء (٢/ ٧٩٥) برقم (١١٣٠) من حديث ابن عباس - رضي الله عنها - به.
(١) بحثت عن كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني - رَحِمَهُ اللَّهُ - في مظانه من كتبه فلم أجده، وقد نقله عنه تلميذه السخاوي في الأجوبة المرضية (٣/ ١١١٧)، والسيوطي في الحاوي (١/ ١٩٦).
(٢) هو إبراهيم بن عبد الرحيم بن محمد بن جماعة الكناني، أبو إسحاق، المقدسي الشافعي، فقيه مفسر، من مؤلفاته: التفسير في عشر مجلدات، توفي سنة ٧٩٠ هـ.
انظر: الدرر الكامنة (١/ ٣٨)، شذرات الذهب (٦/ ٣١١).
(٣) المولد الشريف (ص ١٣ - ١٦)، وانظر: الفتاوى الحديثية (ص ٢٠٢)، تنبيه الأخيار (ل ١٠/ أ).

<<  <   >  >>