للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرورة بهم إلى ذلك؛ لأن قاصدي الخير وإظهار الفرح والسرور به - صلى الله عليه وسلم - والمحبة يكفيهم أن يجمعوا أهل الصلاح والقراء والذاكرين فيطعموهم ويتصدقوا عليهم، فإن أرادوا زيادة على ذلك أمروا من ينشد لهم من المدائح النبوية المتعلقة بالحث على الأخلاق الكريمة كالكرم والزهد والتخلي عن الدنيا ولذاتها والتهيؤ للموت والذهاب إلى الله تعالى، وغير ذلك مما في معناه ... " (١).

التقويم:

الاحتفال بالموالد ظاهرة معروفة منذ العصور المتقدمة والسابقة للإسلام، وعقيدة راسخة عند أهل الأديان الأولى.

وقد اشتهر ذلك عن النصارى حيث يحتفلون بميلاد عيسى - عَلَيْهِ السَّلَام - على رأس كل سنة في الخامس والعشرين من الشهر الثاني عشر الميلادي إلى يومنا هذا.

ثم تسربت هذه الظاهرة إلى المسلمين بعد مضي القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخيرية في أواخر المائة الرابعة على أيدي الخلفاء الفاطميين، بعد قيام دولتهم العبيدية في مصر، وكان أول من أحدثه بالقاهرة المعز لدين الله الفاطمي (٢) سنة اثنين وستين وثلاثمائة (٣).

فأصبح المسلمون منذ ذلك الوقت يحتفلون بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا مضاهاة لعمل النصارى، بل أصبح عمل النصارى حجة لمن استحسن الاحتفال بمولده - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين بطريق الأولى زعموا.


(١) المولد الشريف (ص ١٧ - ١٩).
(٢) هو المعز معد بن إسماعيل بن سعيد بن عبد الله، أبو تميم، المدعي زورًا أنه فاطمي، تولى الخلافة بعد أبيه المنصور سنة ٣٤١ هـ بالمنصورية بالمغرب، استولى على مصر واستوطن القاهرة سنة ٣٦٢ هـ وكان مظهرًا الرفض ومبطنًا الكفر المحض، توفي قبحه الله سنة ٣٦٥ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٥/ ١٥٩)، وفيات الأعيان (٥/ ٢٢٤).
(٣) انظر: الخطط للمقريزي (١/ ٤٩٠ - ٤٩٩)، صبح الأعشى القلقشندي (٣/ ٤٩٨ - ٤٩١)، وللاستزادة: القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل للشيخ إسماعيل الأنصاري (ص ٦٤).

<<  <   >  >>