للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا يقول الحافظ السخاوي - غفر الله له -: "إذا كان أهل الصليب اتخذوا ليلة مولد نبيهم عيدًا أكبر، فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر" (١)! !

وما قرره ابن حجر - عفا الله عنه - في كلامه المتقدم من كون الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة باطل، والرد عليه من طريقين:

أحدهما: النقض، وذلك بأن يقال:

أولًا: أن القول بذلك فرع عن القول بتقسيم البدعة إلى قسمين حسنة وسيئة، وهو تقسيم باطل - كما سبق - فكذلك ما فُرّع عليه.

ثانيًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتفل لنفسه إحياءً لمولده أو مولد غيره من الأنبياء قبله، ولم يأمر أمته به، ولما لم يقع ذلك منه ولم يأمر به مع قيام المقتضي لذلك في وقته كان عمله بعد ذلك بدعة منكرة.

ثالثًا: "أن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلف - رضي الله عنهم - أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص" (٢).

رابعًا: أن المؤرخين اختلفوا في يوم مولده - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكر ذلك ابن حجر نفسه في كلامه المتقدم - فعلى التسليم باستحسان الاحتفال به فإن إقامته في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول غير مقطوع بوقوعه فيه، وقد جر هذا بعضهم إلى الاحتفال سائر أيام ربيع الأول ولياليه كما ذكر ذلك ابن حجر واستحسنه ممن فعله.

خامسًا: أن الشهر الذي ولد فيه - صلى الله عليه وسلم - وهو ربيع الأول على الصحيح هو بعينه الشهر الذي توفي فيه، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه (٣).

سادسًا: أن الاحتفال بالمولد النبوي يتضمن كثيرًا من الأعمال


(١) التبر المسبوك في ذيل السلوك (ص ١٤).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ١٢٣).
(٣) انظر: المورد في عمل المولد للفاكهي (ص ٢٦ - ٢٧)، المدخل لابن الحاج (٢/ ١٥).

<<  <   >  >>