للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الأول: في سماع مجرد الغناء من غير آلة.

اعلم أن مذهبنا أنه يكره الغناء وسماعه إلا ... في عرس ونحوه ... أو إن حرك لحال سني مذكر للآخرة.

وبه يعلم أن كل شعر فيه الأمر بالطاعة أو كان حكمة أو كان في مكارم الأخلاق أو الزهد ونحو ذلك من خصال البر كحث على طاعة أو سنة أو اجتناب معصية يكون كل من إنشائه وإنشاده وسماعه سنة" (١).

و"الغناء إنشادًا واستماعًا على قسمين:

الأول: ما اعتاد الناس استعماله لمحاولة عمل، وحمل ثقيل، وقطع مفاوز سفر ترويحًا للنفوس وتنشيطًا لَها، كحداء الأعراب بإبلهم، وغناء النساء لتسكين صغارهن، ولعجب الجواري بلعبهن، فهذا إذا سلم المغني به من فحش وذكر محرم، كوصف الخمور والقينات، لا شك في جوازه ولا يختلف فيه، وربما يندب إليه إذا نشط على فعل خير، كالحداء في الحج والغزو، ومن ثم ارتجز - صلى الله عليه وسلم - هو والصحابة رضوان الله تعالى عليهم في بناء المسجد، وحفر الخندق كما هو مشهور ...

وكالأشعار المزهدة في الدنيا المرغبة في الآخرة، فهي من أنفع المواعظ فالحاصل عليها أعظم الأجر ...

الثاني: ما ينتحله المغنون العارفون بصنعة الغناء المختارون المدن من غزل الشعر مع تلحينه بالتلحينات الأنيقة، وتقطيعه لها على النغمات الرقيقة التي تهيج النفوس وتطربها ... فهذا هو الغناء المختلف فيه على أقوال العلماء ... " (٢).

"والذي يتقوى في النفس رجحانه تحريم الغناء الملحن وسماعه ...

لقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: ٦] أي: الغناء ...

وقوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} فسعره


(١) كف الرعاع (ص ٤٩ - ٥٠).
(٢) المصدر السابق (ص ٥٩ - ٦٠).

<<  <   >  >>