للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوًا كبيرًا، فنسب إليه العظائم؛ كقوله: إن لله تعالى جهة ويدًا ورجلًا وعينًا وغير ذلك من القبائح الشنيعة، ولقد كفَّره كثير من العلماء، عامله الله بعدله، وخذل متبعيه الذين نصروا ما افتراه على الشريعة الغراء" (١).

- "من هو ابن تيمية حتى ينظر إليه أو يعول في شيء من أمور الدين عليه؟ ! وهل هو إلا كما قال جماعة من الأئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة؛ وحججه الكاسدة؛ حتى أظهروا عوار سقطاته؛ وقبائح أوهامه وغلطاته؛ كالعز بن جماعة: عبد أضله الله تعالى وأغواه، وألبسه رداء الخزي وأرداه، وبوأه من قوة الافتراء والكذب ما أعقبه الهوان؛ وأوجب له الحرمان ...

هذا ما وقع من ابن تيمية مما ذكر، وإن كان عثرة لا تقال أبدًا، ومصيبة يستمر شؤمها سرمدًا، ليس بعجيب، فإنه سولت له نفسه وهواه وشيطانه أنه ضرب مع المجتهدين بسهم صائب، وما درى المحروم أنه أتى بأقبح المعائب؛ إذ خالف إجماعهم في مسائل كثيرة، وتدارك على أئمتهم سيما الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة، حتى تجاوز إلى الجناب الأقدس، المنزه - سبحانه - عن كل نقص، والمستحق لكل كمال أنفس، فنسب إليه الكبائر والعظائم، وخرق سياج عظمته بما أظهره للعامة على المنابر من دعوى الجهة والتجسيم، وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدمين والمتأخرين، حتى قام عليه علماء عصره؛ وألزموا السلطان بقتله أو حبسه وقهره، فحبسه إلى أن مات وخمدت تلك البدع، وزالت تلك الضلالات، ثم انتصر له أتباع لم يرفع الله لهم رأسًا، ولم يظهر لهم جاهًا ولا بأسًا، بل ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون" (٢).

والمسائل التي أخذها ابن حجر - غفر الله له - على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم - رحمهما الله - وشنع بها عليهما، قسمان:

الأول: مسائل فقهية: كالقول بأن الطلاق الثلاث يقع واحدة، وأن


(١) حاشية الإيضاح (ص ٤٨٩).
(٢) الجوهر المنظم (ص ١٢ - ١٣).

<<  <   >  >>