للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه وعلو مرتبته، فما بال العلاء البخاري (١) والتقي الحصني (٢)، وابن حجر الهيتمي وغيرهم ينسبونه إلى أمور فظيعة؟ !

قلت: اعلم - وفقك الله تعالى - أن ابن تيمية - رحمه الله تعالى - كان رجلًا مشهورًا بالعلم والفضل وحفظ السنة، وكان مبالغًا في مذهب الإثبات، وكان يكره التأويل أشد الكراهة، وكان يرد على المتصوفة ما ذكروه في كتبهم من وحدة الوجود وما شاكلها كعادة أهل الحديث والفقهاء والمتكلمين ... وكان قد خالف الأئمة الأربعة في بعض ...

فقام عليه ناس وحسدوه وأبغضوه، وأشاعوا عنه ما لم يقله من التشبيه والتجسيم وغير ذلك، فدخل ذلك على بعض أهل العلم من الحنفية والشافعية وغيرهما، ولم يطلبوا تحقيق ذلك من كتبه المشهورة، واعتمدوا على السماع، فوقع منهم ما قد وقع، وقد وقع مثل هذا لغير واحد من أهل العلم والفضل" (٣).

ونظرًا لشهرة ابن حجر - رَحِمَهُ اللَّه - وعلو مكانته في عصره، وكثرة تصانيفه، وشدة خصومته، أصبح كلامه في حق الشيخين أشهر من كلام غيره، وأكثر أعداؤهما من سياقه ونقله.

ولهذا يقول النبهاني (٤) عنه: "كان أشد أئمة المسلمين إنكارًا لبدع ابن تيمية وردًا عليه بأشد العبارات؛ شفقة على المسلمين، ومحاماة عن هذا الدين المبين، وله في ذلك عبارات كثيرة في كتبه ولا سيما في الفتاوى


(١) هو محمد بن محمد البخاري، المشهور بالعلاء البخاري، فقيه حنفي، اشتهر بعدائه لشيخ الإسلام ابن تيمية وتكفيره له، وقد رد عليه ابن ناصر الدين الدمشقي بكتابه المعروف بالرد الوافر، توفي سنة ٨٤١ هـ.
انظر: الضوء اللامع (٩/ ٢٩١)، شذرات الذهب (٧/ ٢٤١).
(٢) هو أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حريز الحصني، الشافعي، فقيه محدث، اشتهر بعدائه لشيخ الإسلام ابن تيمية، من مؤلفاته: شرح منهاج الطالبين، وشرح مختصر أبي شجاع، وكفاية الأخيار، توفي سنة ٨٢٩ هـ.
انظر: الضوء اللامع (١١/ ٨١)، شذرات الذهب (٧/ ١٨٨).
(٣) القول الجلي في ترجمة الشيخ تقي الدين بن تيمية الحنبلي (ص ٩٢ - ٩٤).
(٤) هو يوسف بن إسماعيل بن حسن بن محمد النبهاني الشافعي، أشعري صوفي، من مؤلفاته: جامع كرامات الأولياء، شواهد الحق في الاستغاثة بخير الخلق، الأنوار المحمدية في المواهب اللدنية وغيرها، توفي سنة ١٣٥٠ هـ. =

<<  <   >  >>