للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحمدين" (١) نصب نفسه فيه حكمًا بين أحمد بن تيمية وأحمد بن حجر - رحمهما الله - وبين المسائل المختلف فيها بينهما ووجه الحق فيها.

وقد انتصر في كتابه هذا لشيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللَّه - وبين ما في كلام ابن حجر - عفا الله عنه - من الظلم والتعدي، وختمه بقوله: "وها أنا بتوفيقه سبحانه قد ذكرت كلام الشيخين، وتصفحت نصوص الطرفين متجنبًا عن داء العصبيّة، متنحيًا عن حمى الغيرة الجاهلية؛ إذ لست بحنبلي المذهب، حتى أرمي بسهم العصبيّة في هذا المطلب. غير أنّ الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة المتقدمات في هذا الشأن، حملتني على نصح الإخوان عن الطعن فيمن هو من أولياء الله، والذّبّ عن ذلك الحبر الأواه، وبيان ما عسر تحقيقه ودق تدقيقه على كثير من فضلاء الزمان ...

وأقول كما فصلته مرارًا: إنّ بعض الأقوال المتقدمة مكذوبة، والبعض الآخر منها لازم المذهب واللوازم غير مطلوبة، ومنها ما هو مذهب الحنابلة كما قد شاع وذاع، ومنها ما هو مجتهد فيه، وللاجتهاد كما لا يخفى عليك اتساع، وأنّ الشيخ أبا العباس قد بلغ نحو أمثاله في ذلك رتبة الاجتهاد بلا التباس، حاويًا لشروطه المتقدمة في هذا الكتاب فله الثواب على ذلك، ولا لوم عليه إن أخطأ بعد أن بذل الوسع فيما هنالك؛ إذ مأخذه الكتاب والسنة الفسيحة المسالك.

وأقول: إنّ الفهامة ابن حجر قد استعجل ولم يتبين عندما أجاب وحرر، حتى بدّعه ونسب إليه المكفر ثم استغفر، فليته تتبع كتب ذلك الإمام، وأقواله المُسَلَّمة عند ذوي النقض والإبرام، حتى يلوح له الصدق، ويتثبت ليتحصحص الحق، ولا ينتقد عليه المتتبعون، أو يغيّر بنقله الغافلون، أو يتبع كلامه في الازدراء والتكفير من أهل زماننا الجاهلون؛ لأنّه العلامة المتبع، ومن إذا قال قولًا يصاخ له ويستمع، وعلى العلات أسأل الله تعالى أن يغفر لهذين الشيخين وينفعنا بعلوم هذين الأحمدين في الدارين" (٢).


(١) طبع الكتاب بمطبعة المدني سنة ١٤٠١ هـ، وحققه الباحث عثمان داود لنيل درجة الدكتوراه في العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سنة ١٤٢٤ هـ.
(٢) (ص ٦٥١ - ٦٥٢)، وانظر: (ص ١٣، ١٨٩، ٤٦٧، ٦٠١، ٦٤٧، ٦٥٢).

<<  <   >  >>