للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأساس الملة، والمقصود بشهادة أن لا إله إلا الله - حيث لم يذكر في التعريف، فإن غاية ما ذكر فيه توحيد الربوبية الذي يقر به المشركون، ولم ينكره أحد من بني آدم.

ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله بعد أن بين خطأ المتكلمين في تعريفهم السابق: "ما يسمونه توحيدًا: فيه ما هو حق، وفيه ما هو باطل، ولو كان جميعه حقًّا؛ فإن المشركين إذا أقرّوا بذلك كله لم يخرجوا من الشرك الذي وصفهم الله به في القرآن، وقاتلهم عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ بل لا بد أن يعترفوا أنه لا إله إلا الله" (١).

وما أخذ على التعريف الأول من إهمال توحيد الألوهية والاقتصار على توحيد الربوبية يؤخذ على التعريف الثاني - والذي وافق فيه ابن حجر مذهب الصوفية -.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله: "وكذلك طوائف من أهل التصوف، والمنتسبين إلى المعرفة والتحقيق والتوحيد غاية ما عندهم من التوحيد هو شهود هذا التوحيد - يعني: توحيد الربوبية - وأن يشهد أن الله رب كل شيء، ومليكه وخالقه، لا سيما إذا غاب العارف بموجوده عن وجوده، وبمشهوده عن شهوده، وبمعروفه عن معرفته، ودخل في فناء توحيد الربوبية بحيث يفنى من لم يكن، ويبقى من لم يزل، فهذا عندهم هو الغاية التي لا غاية وراءها.

ومعلوم أن هذا هو تحقيق ما أقر به المشركون من التوحيد، ولا يصير الرجل بمجرد هذا التوحيد مسلمًا، فضلًا عن أن يكون وليًا لله، أو من سادات الأولياء" (٢).

وبهذا يعلم خطأ ابن حجر - غفر الله له - في تعريف التوحيد وبيان أقسامه، ومخالفته لما عليه أهل السنة والجماعة.


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ١٠١).
(٢) المصدر السابق (٣/ ١٠١ - ١٠٢).

<<  <   >  >>