للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرفانية (١) فهو حال أئمة التصوف الذين أتحفهم الله بما لم يتحف أحدًا سواهم ... فتوحيدهم هو الذي عليه المُعوَّل، وحالهم هو الحال الأكمل، ومن ثم قال بعض محققيهم فارقًا بينهم وبين علماء الكلام: أولئك قوم اشتغلوا بالاسم عن المسمى، ونحن قوم اشتغلنا بالمسمى عن الاسم" (٢).

ويظهر مما سبق أن ابن حجر يرى أن التوحيد له جانبان: جانب علمي وهو ما وافق فيه تعريف المتكلمين، وجانب عملي وهو ما وافق فيه تعريف الصوفية.

وما ذهب إليه ابن حجر - عفا الله عنه - في تعريف التوحيد سواء من الجانب العلمي أو الجانب العملي مخالف للحق الذي عليه أهل السنة والجماعة.

حيث يؤخذ على تعريفه الأول - والذي وافق فيه المتكلمين - ما يلي:

١ - اشتمال التعريف على بعض الألفاظ المجملة التي ضمنها المتكلمون بعض العقائد الباطلة، كتضمينهم نفي علو الله على عرشه ومباينته لخلقه قولهم: "إنه واحد في ذاته لا تعدد له وتضمينهم نفي الصفات الثابتة له تعالى قولهم: "إنه واحد في صفاته فلا نظير له" (٣).

وهذه المعاني الباطلة التي ضمنها المتكلمون تعريف التوحيد يقر بها ابن حجر - وسيأتي بيان أقواله في ذلك والرد عليها - (٤).

٢ - إهمال التعريف لتوحيد الألوهية - الذي هو قطب رحى الدين،


(١) يُعرّف الصوفية المواجيد العرفانية: بأنها كل ما صادف القلب من غم أو فرح، ولها عندهم ثلاث مراتب: التواجد وهو استدعاء الوجد، والوجد وهو إما أن يرجع إلى الأحوال أو إلى المكاشفات والمشاهدات، والوجود ويكون بمشاهدة الحق سبحانه في الوجد على وجه الدوام، ويستعان لتحقيق الوجد بأنواعه الثلاثة بوسائل صناعية كآلات اللهو والطرب.
انظر: معجم اصطلاحات الصوفية للكاشاني (ص ٣١٧)، الرسالة القشيرية (١/ ١٦١)، المعجم الصوفي للحنفي (ص ٢٥٦).
(٢) الفتاوى الحديثية (ص ٤٣٧).
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٣/ ٩٩ - ١٠٠).
(٤) انظر: (ص ٢٩٠).

<<  <   >  >>