وذهب داود إلى اتباع الآثار على حسب ما وردت، ومن أصله نفي القياس، فنفى (١) السجود فيما لم يرد فيه أثر.
وأشار بعض العلماء إلى التخيير في محله.
وقد قال مالك في «المجموعة»: ما كان الناس يضايقون في سجود السهو قبل ولا بعد، وكان ذلك عندهم سهلا.
قال الإمام المازري - رحمه الله تعالى- في توجيه هذه المذاهب، وفي الاعتذار عن بعض ما ورد في الأخبار: أما داود، فبنى على التعبد، وأخذ بكل حديث فيما وقع فيه، وأنكر ما خرج عن ذلك.
وأما ابن حنبل، فعمل في الأحاديث بما عمل به داود، ثم استعمل القياس فيما لم يرد فيه أثر، ورأى السجود في ذلك كله قبل السلام؛ لما سنذكره في حجة القائلين بأن السجود كله قبل السلام.
وأما من أشار إلى التخيير، فإنه رأى الأخبار مختلفة، ولا سبيل إلى طرح جميعها، فجمع بينها بالتخيير.
وأما من قال: السجود كله قبل السلام، فإنه يتأول ما ورد بالسجود بعد السلام على أحد ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يقدر أن المراد بالسلام السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - المذكور في التشهد.