للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن الأصل: أن يعوض ما سهي عنه بمثله، ويفعل عند الذكر له، وحالة الذكر إذا كانت في أثناء الصلاة لا يصح أن يفعل فيها ما ترك سهوا، أو العوض منه؛ لأن ذلك المحل قد استحقه فعل آخر من الصلاة بأصل الشرع، فإذا (١) تزاحم هو والمتروك على هذا المحل، كان الأصل أحق به؛ لاستحقاقه إياه بأصل الشرع، فأخر العوض؛ إذ لا محل له إلا آخر الصلاة، ولا ينبغي أن يسلم قبل سجود السهو؛ لأنه بالسلام من الصلاة كملت، وما يفعل بعدها لا يجبر نقصها، ولا يرغم الشيطان في زيادتها، فوجب أن يكون السجود كله قبل السلام.

وتمسك من قال بأن السجود كله بعد السلام بأمر فقهي أيضا، وهو أن السجود المذكور زيادة على المقادير المقدرة في الصلاة، فإذا أوقعنا سجود السهو قبل السلام، زدنا في نفس الصىة تغيرا مع التغير الأول، فيقع الإجحاف بالعبادة في كثرة التغيير (٢)، فوجب أن يكون خارجا عن نفس الصلاة؛ صيانة للصلاة عن (٣) الزيادة في مقاديرها.

وأما مالبك - رضي الله عنه -، فاستشعر بعدُ هذه التأويلات، وإن كل فريق من الفريقين المتقدمين يرد مذهبه ظواهر بعض الأخبار، فاستعمل طريقة ثالثة هي أصوب الطرق، ولا يردها ظواهر الأخبار، ويقتضيها الفقه.

أما الأخبار: فإن حديث ابن بحينة تضمن نقصا، فلذلك سجد قبل


(١) في "ق": "وإذا".
(٢) في "ق": "التغير".
(٣) في "خ": "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>