فإن قيل: فقد قيل (١) في مسبوق على إمامه سجود بعد السلام: إنه إذا سلم إمامه، واشتغل بالسجود، ولم يقم المأموم للقضاء، بل بقي جالسا حتى فرغ الإمام من السجود: أن المأموم لا يتشهد، وليدع؛ خشية من تكرار التشهد في الجلوس الواحد، فليكن هذا منهن فلا يعيد التشهد؛ لأنه قد تشهد في جلوسه هذا، وإلا فما الفرق بينهما؟
قلنا: بينهما فرق، وذلك أن هذا بسجوده انفصل ذلك التشهد وذلك الجلوس، وهذا جلوس ثان، لم يتشهد فيه، فليتشهد؛ ليكون سلامه عقب التشهد.
والقول الثاني لمالك - رضي الله عنه -: أنه لا يتشهد لهذا الجلوس الذي فعله بعد سجوده؛ الذي هو قبل السلام، ورآه كأنه بقية الجلوس الذي كان قبل السجود، وقد تشهد فيه، ولا عهد في الشريعة بأن يتشهد في جلوس واحد مرتين، وهذا القول الثاني قول ابن القاسم، وعليه العمل، والله أعلم.
الموضع الثالث: هل للسجةد الذي بعد السلام تشهد بعده وسلام؟
وقد اختلف الناس في ذلك: فمذهبنا: إثباتهما؛ لما قدمناه من أنهما عبادة مستقلة منفصلة عن الصلاة.