العاشر: قال صاحب "البيان والتقريب": يجوز الاجتيازُ بالمسجد وبخرقه من غير حاجة له في المسجد، وقد كان مالكٌ يفعلهُ، قال: وكذلك الجامعُ بمصرَ عندنا يعسرُ على الإنسان أن يدور من خلفه، فيدخل من باب، ويخرج من آخر، ويكون ذلك تخفيفًا على الناس، كما جاز أن يبيت الغريبُ في مساجد القرى، وقد كانوا يبيتون في مسجد الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وينامون فيه بالنهار؛ كما ذكرنا عن ابن عمر، وقد روى البخاري عن سهل بن سعد: أن عليَّ بنَ أبي طالبٍ اضطجع في المسجد، وجاءه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعل يمسح التراب عنه، ويقول:"قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ"(١).
قلت: وظاهر الحديث -أعني: حديث تحية المسجد، لا يتناول من مَرَّ مجتازًا؛ إذ النهي إنما يتناولُ جلوسًا قبل الركوع، والمجتازُ لم يجلس، وكذلك الأمرُ إنما توجَّه بركوع قبل جلوس، فإذا انتفيا معًا، لم يخالف الأمر.
ولذلك -واللَّه أعلم- خففه مالك، وذكر عن زيد بن ثابت، وسالم ابن عبد اللَّه: أنهما كانا يخرقان المسجد لحاجتهما, ولا يركعان.
قال مالك: وبلغني أن زيدًا كره أن يمر فيه ولا يركع.
(١) رواه البخاري (٤٣٠)، كتاب: المساجد، باب: نوم الرجال في المسجد، ومسلم (٢٤٠٩)، كتاب: الفضائل، باب: من فضائل علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-.