في صلاته ساهيًا، قبل أن يتم صلاته، فذهبت طائفة: إلى أنه إذا تكلم ساهيًا، استأنف صلاته، وإليه ذهب قَتادةُ من البصريين، وإبراهيمُ النخعيُّ، وحمادُ بنُ سليمان، وأبو حنيفة، وأهلُ الكوفة، وتمسَّكوا بظاهر حديث ابن مسعود؛ لأنه مطلق، فتناولَ حالتي العَمْد والسَّهْو.
وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: يبني على صلاته، ولا إعادةَ عليه، وروي ذلك عن عبد اللَّه بن مسعود، وبه قال عروةُ بنُ الزبير، وعطاءٌ، والحسنُ البصريُّ، وعمرُو بنُ دينار، والثوريُّ، ونفرٌ من أهل الكوفة، والشافعيُّ وأصحابُه، وأحمدُ، وإسحاق، وأكثرُ أهل الحجاز والشام، وذهبوا في ذلك إلى حديث أبي هريرة، يعني: حديثَ ذي اليدين، ورأوه ناسخًا للسهو، وفي حديث ابن مسعود: دونَ العمد؛ لأنه آخرُ الحديثين، وذكر حديث ذي اليدين من طريقين:
أحدهما: عن أبي هريرة.
والآخر: عن عمران بن حصين: أنه سلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم ذكر بعد ذلك، بسنده للشافعي، قال: إنما نهى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الكلام في الصلاة في العَمْد، وهذا الحديث بمكة؛ يعني: حديث ابن مسعود، وحديث ذي اليدين بالمدينة، فهو ناسخ (١).
قلت: وهذا مذهبنا -أيضًا-: أنه إذا تكلم ساهيًا، بني على
(١) انظر: "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" للحازمي (ص: ٢١٠)، وما بعدها.