للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثامن: قوله: "لو تعلمون مما أعلمُ" إلى آخره، معناه: لو تعلمون من عِظَمِ انتقام اللَّه -تعالى- من أهلِ الجرائم، وشدةِ عقابه، وأهوالِ يوم القيامة، وما بعدَها؛ كما علمتُ، وترون النارَ؛ كما رأيتُ في مقامي هذا، وفي غيرِه، لبكيتم كثيرًا، ولقلَّ ضحككُم، لفكْرِكم فيما علمتموه، وكلُّ ذلك مما نشأ (١) عن مطالعة جلالِ اللَّه (٢)، وعظمته، وقهره، وسرعة بطشه، والمقصودُ (٣) منه: التخويفُ لأمته -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).

قال ابن بزيزة: ويحتمل أن يكون المعنى: إنكم لو علمتم من رحمة اللَّه -سبحانه-، وحلمِه، وعفوِه عن ذنوب خلقه، ومعاني كرمِه ما أعلمُ، لبكيتم كثيراَ، ولضحكتم قليلًا، فبكاؤكم إذ لم تفهموا من ذلك ما فهمتُ، ولم تعلموا منه (٥) ما علمتُ، ونشأ هذا عن مطالعة


= وأما علماء الخلف من المؤولين فيقولون: يراد من الغيرة غايتها، وهو شدة المنع والحماية من الشيء؛ لأن الغائر على الشيء مانع له، وحامِ منه، فالمنع والحماية من لوازم الغيرة. وهذا في جانب المخلوق، وأما في الخالق، فليست هي كذلك، كما أن قدرة المخلوق وإرادته ليست كقدرة الخالق وإرادته.
والحاصل: أن علماء السلف يسلمون، وعلماء الخلف يؤولون، ولا ريب أن السلامة في التسليم، واللَّه أعلم.
(١) في "ت": "ينشأ".
(٢) في "ت": "جلاله".
(٣) في "ت": "والتعوُّد".
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٦/ ٢٠١).
(٥) "منه" ليس في "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>