للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وربما أضافوا إلى ذلك آلاتِ الباطل من الدفوف، والجنوك، والشبَّابات، واقتحموا في ليالي الجمع والأعياد وغيرها تعاطيَ هذه المحرمات، واستهانوا بحرمة القبور، وارتكبوا بين ظَهْرانَيْها الفجور، وربما أكلوا الحشيش، وشربوا الخمور، هذا مع أنها مواطن الاعتبار، وتذكرِ الموت وخوفِ عقوبة الجبار، فناهيك بها معصيةً ما أفظعها، وشناعة ما أبشعها! ولم أر، ولم أسمع باتفاق ذلك في بلد من بلاد المسلمين ولا غيرهم، فيجب على كل من قَدَر على إزالة ذلك، أو بعضِه القيامُ للَّه تعالى، فإن فعل البعضُ، سقط عن الباقين، وإلا أثموا كلُّهم، وأعجبُ من هذا: أن أهل هذين البلدين أو غالبهم متواطئون على ذلك، وكأنه (١) عندهم أمر مشروع، وحكم متبوع، لا تجد واحدًا منهم -في الغالب- يتوجع لذلك، أو يعدُّه من المهالك، بل استقرت نفوسُهم عليه، وسكنت طباعُهم إليه، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون، بدأ الإِسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، ولقد أحسن أبو عمرو بنُ العلاء رحمه اللَّه تعالى حيث يقول: لا يزالُ الناس بخير ما تُعُجِّبَ من العَجَب (٢)، فسبحانَ الحليمِ الذي لا يعجل، والجوادِ الذي لا يبخل، الذي يُمْهِل ولا يُهْمِل، اللهمَّ وإذا أردت بالناس فتنة، فاقبِضْنا إليك غير مفتونين، وحسبُنا اللَّه ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم، وصلى اللَّه على محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد للَّه رب العالمين.


(١) في "ت": "فكأنه".
(٢) انظر: "المجالسة وجواهر العلم" للدينوري (ص: ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>