للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تخصيص العموم بالمعنى المستنبط من محل النص، وفيه خلاف بين الأصوليين؛ الأكثرون على المنع منه؛ لأن الاستنباط إنما شرع لتوسيع مجال الأحكام، وهذا الاستنباط يؤدي إلى تضييقها، وإخراج بعض ما تناوله (١) اللفظ.

وقيل: لا يمتنع ذلك إذا صح الاستنباط بشروطه؛ لغلبة الظن في أن ذلك مراد الشارع بلفظه (٢).

ولكن هذا الخلاف إنما هو في المعنى الخفي الذي يحتاج في استنباطه إلى فكر ونظر، وأما المعنى الجلي الذي يفهم عند ورود اللفظ من غير حاجة إلى فكر، فلا إشكال في تنزيل اللفظ عليه؛ كقوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا يقضي القاضي وهو غضبان» (٣)، فإن


= «الديباج المذهب» لابن فرحون (ص: ٣٠).
(١) في (ق): "يتناوله.
(٢) قال الإمام ابن دقيق العيد في «شرح الإلمام» (٢/ ٤٠٦): استنباط معنى من النص يعود على النص بالتخصيص، قد يمنع منه ويقال: إن العموم لا يخص بعلة مستنبطة منه؛ لأن العلل إنما تستنبط من الألفاظ بعد تحصيل مضمونها، وكمال فائدتها، وما يقتضيه لفظها، فإذا استقرت فائدتها فبحث الباحث عن سبب القول بعد تحصيله، فتحصل من هذا أن العلة تابعة لتحصيل معنى اللفظ، وما يفيده، وهذا يمنع من تخصيص العموةم بعلة مستنبطة منه؛ لأنا قد نقدم قبل النظر في علته إفادته للاستيعاب، فإذا كان مفيدا للاستيعاب نظرنا في علة إفادته الاستيعاب منه.
(٣) سيأتي تخريجه في باب القضاء من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - بلفظ: «لا يقضين =

<<  <  ج: ص:  >  >>