كتاب رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام

باب حرمة مكة - الحديث الأول - ج: 3 - ص: 605

"هُشُّوا، وَارْعَوْا" (١)، قال مالك رحمه اللَّه: الهَشُّ: تحريكُ الشجرِ بالمحجَن (٢) ليقع الورق، ولا يَخْبِط، ولا يَعْضِد (٣).

ودليلُنا على عدم الفدية فيما قُطع من شجر الحرم: أن إتلاف الشجر الذي لا ملكَ عليه لآدميٍّ، لا غرمَ على متلِفه في الأصول، ولأن كونَه من شجر الحرم لا يقتضي ضمانَ الجزاء اعتبارًا بما فيه مَنْفَعة الناسِ، ولأنه نوعٌ من النبت؛ كالخشب، والثمار (٤)، ولأنه لم يتلف حيوانًا، ولا شيئًا من الحيوان، فلم يلزمه جزاءٌ كسائر الجامدات (٥)، وقياسًا على المحرِم بقطعِ الشجر في الحِلِّ، لأن ما لزم الحلالَ جزاؤه في الحرم لزمَ المحرِمَ مثلُه في الحِلِّ، فلو كان في قطع الشجر جزاءٌ، للزم (٦) المحرمَ ذلك في الحل، واللَّه أعلم، ولأن الجزاء لا يجب إلا بالشرع، والأصلُ براءةُ الذمة، ولم يرد شرعٌ بذلك.

الخامس: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فإنْ أحدٌ ترخَّصَ

---

(١) ورواه ابن حبان في "صحيحه" (٣٧٥٢)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٣٧٧٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٢٠٠)، من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-، وفيه: "ولكن هشوا هشًا".
(٢) في "ت": "بالمحجم".
(٣) انظر: "المدونة" (٢/ ٤٥١ - ٤٥٢).
(٤) في "ت": "والنبات".
(٥) في "ت": "الجامد".
(٦) في "ت": "لزم".