للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ في حَجَّةٍ" (١)، فكشف له قناع البيان عن القرآن، فاستمر عليه، والتزمَ من ذلك ما لزمه، وخرج حتى دخلَ مكة، فأمر أصحابَه أن يفسخوا الحجَّ إلى العمرة، فقالوا له: كيف نفعل ذلك، وقد أَهْلَلْنا بالحج؟ فقال لهم: "افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَلَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الهَدْيَ، لأَحْلَلْتُ كَمَا تُحِلُّونَ وقال: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا سُقْتَ الهَدْيَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً"، فارتفع التناقضُ، وزال التعارضُ، وانتظم القولُ من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والعملُ منه ومن أصحابه (٢)، انتهى.

وقد تعلق أحمدُ بنُ حنبل رحمه اللَّه في أفضلية التمتُّع بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "لَوِ استقبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ" الحديث، فتمنى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يكون متمتِّعًا، ولا يتمنَّى إلا الأفضلَ.

وأجيب: بأنه -عليه الصلاة والسلام- أيضًا بأنه لا يفعلُ إلا الأفضلَ، وكيف يفوِّتُه اللَّه -تعالى- الأفضلَ، وَيَرُدُّهُ إلى الأَدْوَن؟!

وقيل: إنما قالَ هذا من أجل فسخ الحج إلى العمرة الذي هو خاصٌّ لهم تلك السنةَ خاصةً؛ لمخالفةِ الجاهلية، ولم يُرَدْ بذلك التمتع الذي فيه (٣) الخلاف.


(١) رواه البخاري (٦٩١١)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحض على اتفاق أهل العلم.
(٢) انظر: "القبس" لابن العربي (١٠/ ٢٠٨).
(٣) في "ت": "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>