للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالخرص، قدم القياس على الأصل في النهي عن بيع ثمر (١) النخل بالتمر (٢) كيلًا مع اختلاف النَّاس في معنى الحديث، لكن هذا القول ضعيف وشاذ من قوله؛ لأن في تفسير هذا الحديث هذا الاستثناء، فليس الأخذُ ببعضه أولى من الأخذ بباقيه.

وأما مشهور قوله: بأنه لا يجوز إِلَّا بخرصها إلى الجداد، فلم يَرَ تعدِّيَ الرُّخصة عن وجهها، وهو أظهرُ، ورأى في قوله: عموم شرائها بكل شيء، القياسَ على الرُّخصة بالخرص، وأنه إذا جاز به، كان بغيره أولى (٣)، مع أنها هبةُ منافع، والحديثُ في منع الرجوع في الهِبَة إنما جاء في الرِّقاب، وما لم يبقَ للواهب فيه تعلُّق، وشراءُ العرية هنا زيادة معروف لكفايته المؤنة، وضمانه له المنفعةَ، ولدفع المضرة عن نفسه.

ع وذهب أبو حنيفة، وأبو يوسف، في تفسير العرية إلى أنها: النخلة يهبُ صاحبُها ثمرَها للرجل، فلا يقبلُها، ثم يبدو لصاحبها أن يُمسكها، ويُعوضه من ثمرها خرصَها تمرًا.

قلت: وهذا في البعد كما ترى.

وبالجملة: فالعريةُ رخصة مستثناة عندنا من أربعة أصول: من التفاضل بين الطعامين، وبيع الطعام بالطعامِ نسيئة، ومن العَوْد في الهِبَة، ومن المزابنة والغَرَر، وهو شراءُ الجزاف بالمكيل، والرَّطْبِ باليابس.


(١) في "خ": "تمر".
(٢) في "ت": "الثمر".
(٣) في "ت": "أو" بدل "أولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>