للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله -عليه الصلاة والسلام-: "ثُمَّ عَرِّفْها سَنَةً": إتيان (ثم) هنا يدل على المبالغة وشدةِ التثبُّتِ في معرفة العِفاص (١) والوِكاء؛ إذ كان وضعها (٢) للتراخي والمُهْلَة، فكأنه عبارةٌ عن قوله: لا تعجَلْ، وتَثَبَّتْ في عرفان ذلك، واللَّه أعلم.

وفيه: دليلٌ على وجوب التعريف سنةً، والمعنى: إذا أخذْتَها، فعرِّفْها سنةً.

وأما الأخذُ، فهل هو واجبٌ، أو لا؟ فيه تفصيلٌ عندنا، وهو: أنه إن علم الخيانةَ من نفسه، حرمَ عليه أخذُها (٣)، وإن خافها، كُره له الأخذُ، وإن أَمِنَها، فقولان: بالاستحباب، والكراهة.

وروى أشهبُ: أما الدنانير، وشيءٌ له بالٌ، فأحبُّ إليَّ أن يأخذَها، وليسَ كالدراهم (٤)، وما لا بالَ له، ولا أُحِبُّ له أن يأخذَ الدراهمَ.

وحكى القاضي أبو بكر عن مالك، الكراهةَ مطلقًا، وهو اختيارُ الشيخ أبي إسحاق.

فإن كانت اللقطةُ بين قومٍ غيرِ مأمونين، والإمامُ عدلٌ، وجبَ عليه أخذُها، وكذلك إذا عرفَ صاحبَها، وخشيَ تلافَها إن لم يأخذها، وجبَ عليه أخذُها، واللَّه أعلم.


(١) في "ت": "العقاص".
(٢) في "ت": "وصفها".
(٣) في "خ": "أخذ".
(٤) في "ز": "كالدرهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>