للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن يقاتل للشجاعة طبعًا لا قصدًا، فهذا لا يُقال إنه كالأول؛ لعدم قصدِه إظهارَ الشجاعة، ولا يقال: إنه قاتل لتكون كلمةُ اللَّه هي العليا؛ إذ لم يقصد ذلك أيضًا، نعم، إن كان قد تقدم له القصدُ أولًا، لعدم قصد إظهار الشجاعة (١) ثم قاتل بعد ذلك بمقتضى طبعه، ولم يطرأ على النية الأولى ما ينافيها، فهو كالأول؛ إذ ليس من شرط هذه النية أن تكون مقارنةً للقتال ولابُدَّ؛ فإن الشجاع إذا دهمه القتال، وكان طبعه يقتضي المبادرةَ لذلك، يسارع (٢) لذلك ذاهلًا عن (٣) مطلق القصد، ولا يقدح ذلك في النية الأولى، بل هي باقية (٤) على ما كانت، وهذا في التمثيل؛ كالمريضِ مرضَ الموت، يستحضِرُ الإيمانَ في وقتٍ ما (٥)، ثم يغيبُ عن إحساسه، ويموت وهو على هذه الحالة، من غير أن يطرأ على استحضاره المتقدم ما ينافيه، فهذا محكومٌ لإسلامه قطعًا.

والثالث: أن يقاتل الشجاعُ قاصدًا إعلاءَ كلمةِ اللَّه -تعالى- حالَ القتال، فهو هو المراد بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "قاتل لتكونَ كلمةُ اللَّه هي العُليا"، وأنه في سبيل اللَّه، وهو أفضلُ من القسم الذي


(١) "لعدم قصده إظهار الشجاعة" ليس في "خ".
(٢) في "ت": "تسارع".
(٣) في "ت": "دليلًا على" مكان "ذاهلًا عن".
(٤) في "ت": "كافية".
(٥) "ما" ليس في "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>