قال: واختلف القائلون بغسل جميعه، هل يفتقر إلى نية، أم لا (١)؟ وسبب الخلاف: هل غسل جميع الذكر تعبد، أو عبادة تعدت محل سببها، فأشبهت الوضوء والغسل في افتقارهما إلى النية، أو غسله لتنقطع مادة الأذى، فلا يفتقر إلى نية؟ وهذا على القول بأن المذي مختص بأحكام ينفرد بها عن البول والوَدْي، وفيما يخالف البول، المشهور: أنه لا يجزئ فيه الاستجمار بالحجارة؛ لأنه -في الغالب- إنما
يأتي مستجلبا؛ بخلاف البول والغائط؛ فإنهما يخرجان بطبع الغداء، انتهى.
وقال سند [في]«طرازه»: ولما فيه من اللزوجة والتخيط؛ فقد ينتشر بالمسح إلى محل آخر، فينجسه؛ ولأن الحديث إنما جاء فيما يذهب فيه إلى الغائط، وليس هذا بغائط، ولا يذهب فيه إلى الغائط، ولا في معنى الغائط، حتى يلحق به.
قال ابن بشير: وأما على القول إنه بمنزلة البول، فلا تفريع.
قلت: وقد غّلط اللخمي القول بغسل جميع الذكر، وخالف مشهور المذهب، وقد بسطت الكلام عليه في شرح «الرسالة»، أعان الله
على إكماله.
تنبيه: لا يؤخذ من هذا الحديث وجوب الوضوء على صاحب سلس المذي، وإن كان علي -رضي الله عنه- قد وصف نفسه بكونه مذاءً، وهو