الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]، فقال له رجل: أفهي العصر؟ قال: قد حدثتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله تعالى.
صحيح عالٍ انفرد به مسلم، فرواه في مسنده الصحيح، وقال فيه: هي إذن صلاة العصر (١).
فقد تعارض حديث البراء وحديث عائشة -رضي الله عنها- في هذه الرواية، فيتساقطان، ويتعين المصير إلى حديث علي -رضي الله عنه-، على أنه يمكن الجمع بينه وبين حديث عائشة -رضي الله عنها- من وجهين:
أحدهما: أن تكون الواو زائدة كما جاءت زائدة في كتاب الله تعالى، وغيره من كلام الفصحاء في غير ما موضع، من ذلك قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ}[الأنعام: ١٠٥]، وقاله تعالى:{وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّيْنَ}[الأحزاب: ٤٠]، وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الحج: ٢٥]، معناه فيما حكي عن الخليل: يصدون عن سبيل الله، والواو فيه مُقْحَمة، ومثله:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً}[الأنبياء: ٤٨]، وكذلك: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ} [الصافات: ١٠٣ - ١٠٤]، أي: ناديناه، وقال الأخفش والكوفيون في قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}[الزمر: ٧٣]: إن الجواب (فتحت
أبوابها).
ولا اعتبار بما ذكره بعض ضعفة النحويين: من أنها واو الثمانية، على ما قررناه في «شرح رسالة ابن أبي زيد»، أعان الله على إكماله.
(١) رواه مسلم (٦٣٠)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.