للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمجنون؟! ألا ترى أن ابن مسعود - رضي الله عنه - لو قال عوض قوله: وهو الصادق المصدوق، حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غير كذوب، لوجدت الطبع ينفر، والشعر يَقُفُّ به عند سماعه؟! فإنا نفرق بين إثبات الصفة للموصوف، وبين نفي ضدها عنه (١).

والسر في ذلك -والله أعلم-: أن نفي الضد كأنه يقع جوابا لمن أثبته؛ بخلاف إثبات الصفة، فإنه على الأصل، فإذا قلت: جاء زيد العالم، فكأنك قلت: جاء المعروف بالعلم، لا أن ثم منازعا في ذلك، إنما هو كلام خرج في معرض تعريف الذات الموصوفة بالعلم، والله أعلم (٢).

فتعرف هذا الأصل في كل ما يرد عليك من هذا الباب.

فإن قلت: فقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦]،


(١) في "ق": "عنها".
(٢) قال الحافظ في "الفتح" (٢/ ١٨٢) بعد إيراد اعتراض الفاكهاني على النووي: والذي يظهر لي أن الفرق بينهما أنه يقع في الإثبات بالمطابقة، وفي النفي بالالتزام، لكن التنظير صحيح بالنسبة إلى المعنى المراد باللفظين؛ لأن كلا منهما يردُ عليه أنه تزكية في حق مقطوع بتزكيته، فيكون من تحصيل الحاصل، ويحصل الانفصال عن ذلك بما تقدم من أن المراد بكل منهما تفخيم الأمر وتقويته في نفس السامع، انتهى.
قلت: وقد أورد الحافظُ كلامَ الفاكهاني بقوله: "وقد اعترض بعض المتأخرين"، وأورده ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (٢/ ٥٧٩) بقوله: "قال بعض فضلاء المالكية".

<<  <  ج: ص:  >  >>