للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرابع: قوله -عليه الصلاة والسلام-: «اللهم»: قد تقدم الكلام عليه بما يغني عن الإعادة، ولكن يزاد هنا أن يقال: المقصود بها: نداء الله تعالى، وتجيء حشوا بعد عموم، حثا للسامع على حفظ القيد المذكور بعدها، أو تنبيها على أنه بمثابة يستغفر التارك له؛ كقولك: أنا لا أنقطع عن زيارتك، اللهم إلا أن يمنع مانع لا تقدر على دفعهخ، ولألزمنك أبدا، اللهم إلا أن تكره مني شيئا.

وفي كلا م الحريرير: وما قيل في المثل الذي سار سائره: خير العشاء سوافره، إلا ليعجل التعشي، ويجنب أكل الليل الذي يعشي، اللهم إلا أن تقد نار الجوع، وتحول دون الهجوع (١).

فأنت تراه في مثله هذا لا يكاد يفارق حرف الاستثناء، وإنما ذكؤرت هذا هنا، فإن كان لا يمس بمعنى الحديث؛ ليشتمل الكتاب على جملة معناها، وتكميلا لما تقدم (٢).

الخانس: قوله -عليه الصلاة والسلام-: «باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب»: كأن المراد بالمباعدة هنا أحد أمرين: إما ترك المؤاخذة بها، وإما المنع من وقوعها، والعصمة منها، وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - إما أن يكون قصدا للتعليم، وإما إظهارا لحال العبودية، وإلا، فهو - صلى الله عليه وسلم - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والثاني: أظهر؛ إذ لو قصد التعليم، لجهر به، ولا يبعد عندي أن


(١) انظر: "مقامات الحريري" (ص: ٤٤).
(٢) في "ق" زيادة: "منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>