للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو الطهارة، إلا أنه يعارض هذا، أنه -عليه الصلاة والسلام- أمر بالنظر إلى النعلين ودلكهما إن رئي فيهما أذى، وإذا كان الغالب النجاسة، فالغالب رؤيتها، وإذا رآها فيهما، دلكهما؛ لأمره بذلك؛ إذ محال أن يأمر بشيء من هذا ولا يفعله، وإذا كان الأمر كذلك، لم تكن التمسألوة من باب تعارض الأصل والغالب، وإنما تكون منه لو لم يدلكهما، والله أعلم (١).

الثالث: «نعم»: حرف عِدَةٍ وتصديق، وجواب للاستفهام، سمع فيه كسر العين، والأكثر الفتح، وهو قائم في الكلام مقام الجملة المفيدة، فإذا قال القائل: أقام زيد؟ فقلت: نعم، فكأنك قلت: قام زيد، فسدت (نعم) مسد الجملة، وأغنت غناها، وذلك من محاسن كلام العرب.

وأما (بلى)، فهي رد للنفي، وتقرير للثبوت، فإذا قال: ألم أحسن إليك؟ قلت: بلى، إن أردت تقرير الإحسان، فكأنك قلت: أحسنت


(١) المرجع السابق، (١/ ٢٣٧).
قلت: والتحقيق في تعارض الأصل والغالب: أنه إذا كان الغالب الظاهر اتبع ما لم يعارضه غيره، وإلا عمل بالأصل، ورجح بعض المالكية تقديم الغالب على الأصل، إلا في موضع يلزم من تقديمه حرج أو إضاعة مال محترم؛ كطعام أهل الكتاب، فإن الأصل طهارته، والغالب نجاسته؛ لأنهم لا يتوقونها، ويلزم من اجتنابه حرج، والأمر بغسل اليدين عند القيام من النوم قدم فيه الغالب؛ لانتفاء الحرج فيه. وقدم فيما نحن فيه الأصل؛ لما في غسل النعل في كل وقت من الضرر، انتهى.
نبه إلى ذلك ابن الملقن -رحمه الله- في "الإعلام" (٣/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>