للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهلا جاز أن تقع (نعم) في جواب النفي المقرون همزة الاستفهام، إذا أريد إثثبات النفي؟ فيقال في جواب من قال: ألم أعطك درهمات: نعم، ويكون المراد إثبات الإعطاء من حيث كان مراد المقرر الإثبات، ألا ترى أن مراده بقوله: ألم أعطك درهما: قد أعطيتك درهما، فكما يقال في تصديق قوله: قد أعطيتك درهما: نعم، فكذلك كان ينبغي أن يقال: نعم في جواب من قال: ألم أعطك درهما؟ ويكون المراد: إثبات الإعطاء.

قلت: قيل في الجواب: إن المقرر قد يوافق المقرَّر على تقريره، وقد لا يوافقه، فلو قال في الجواب: نعم، لم يدر هل هو جواب على حسب اللفظ، فيكون المراد: إثبات النفي، أو جواب على المعنى الذي أراده (١) المقرِّر، فيكون المراد: إبطال النفي، فلما كان في ذلك من اللبس ما ذكرناه، جعلوا الجواب لكل واحد من المعنيين بحرف يخصه حتى يرتفع اللبس، فأجابوا بـ (بلى» إذا أرادوا إبطال النفي، وبـ «نعم إذا أرادوا تحقيق النفي، فإن اقترن بالكلام ما يرتفع معه اللبس، كان الجواب بنعم، والمراد المراد بالجواب بببلى، ويكون الجواب -إذ ذاك- على حسب المعنى، لا على حسب اللفظ، ومن ذلك قوله: [الوافر]

أَلَيْسَ اللَّيْلُ يَجْمَعُ أُمَّ عَمْرٍو ... وَإِيَّانَا، فَذَاكَ بِنَا تَدَانِ


(١) في "ق": "أراد".

<<  <  ج: ص:  >  >>