الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب في السماع والغناء ألَّفه علم من الأعلام، بَسَط فيه الكلام على هذا الموضوع، وردَّ على جميع الشُّبه التي أُثيرت في هذا الباب، وقام بالمقارنة بين ذوق الصلاة والقرآن وذوق السماع والغناء، وبيَّن أن أحدهما منافٍ للآخر، ولا يمكن أن يجتمعا في قلب واحدٍ. ومن الغريب أن تجعله طائفة من الصوفية ذريعة لتصفية القلوب وإثارة العواطف النبيلة، وتتخذه قربةً تتقرَّب بها إلى الله، مع ما ينضم إليها من المنكرات، مثل استخدام آلات اللهو والموسيقى، والنظر إلى النساء والمردان، والرقص والطرب والدوران، والتواجد وخرق الثياب، والنخير والشخير والصياح، وكل ذلك من اللغو واللهو والباطل الذي نُهِي المسلمون عنه في القرآن الكريم.
وقد ردّ العلماء والفقهاء على أصحاب السماع، وألَّفوا كتبًا كثيرة في هذا الباب، ومن أوسعها وأشملها هذا الكتاب الذي بين أيدينا، تناول فيه الإمام ابن القيم هذا الموضوع بأسلوبه المعروف، وأجرى الحوار بين صاحب الغناء وصاحب القرآن، وأورد جميع ما يحتج به أهل السماع والغناء، وناقشهم مناقشة علمية تفصيلية.