للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدثَ النارَ في الزناد.

فإذا سمعه مَن في قلبه حب كامن (١)، أو خوف أو رجاء أو اشتياق إلى أي مطلوب كان، هاج من قلبه ذلك الكامنُ، فأثَّر فيه السماع بحسب استعداده.

وسرُّ ذلك أن النغمات اللذيذة، ولطافة الألحان وحلاوتها وطيبها، يناسب لطافةَ ما كَمَن واستتر في قلب المحب من شواهد محبوبه، فيذكّره إيّاها، فيَهِيج لذلك وجدُه، ويتحرك حبه، وتلتهب [٣٥ أ] نار الشوق في قلبه، وذلك كان مستورًا قبل السماع، ومتواريًا محجوبًا بالأمور الشاغلة عنه، فلمّا ورد عليه السماع أخلى باطنه عن تلك الشواغل، فخَمَدتْ وتوارتْ، فتحرك القلب بمقتضى ما سكن فيه من المحبة والشوق والوجد، وتوابع ذلك من الأنس والقرب أو الحزن والأسف على فوت حظه من محبوبه وبعده عنه، إلى غير ذلك من الأحوال التي يثيرها السماع، بالألحان المطربة والنغمات اللذيذة، [و] بالأشعار الرقيقة المناسبة للحال، المشتملة على وصف الملاحة والحسن، وطيب الوصال وعذوبته، وألم الهجران وعذابه، فتتفق مناسبة (٢) أوزان الشعر، ولطافة المعاني، وحسن الصوت، وتناسب


(١) في الأصل: "كامل".
(٢) في الأصل: "ممارسة". والمثبت من ع، ك.