للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بعض المشايخ ممن صحب الجنيد يحضر موضعَ السماع، فإن استطابه فرشَ إزاره وجلس، وقال: الصوفي مع قلبه، وإن لم يستطبه قال: السماع لأرباب ا لقلوب، وأخذ نعله ومرَّ.

* قال صاحب القرآن: الكلام على ما ذكرتَه من هذه الكلمات من وجهين: مجمل ومفصل.

أما المجمل: فإنه ليس فيها من أدلة الشرع التي تَثبُت بها الأحكام الخمسة شيء (١)، فليس فيها ما يقتضي إباحةً ولا استحبابًا ولا مدحًا ولا ذمًّا، وغايتها حكايات عن أقوام، أخبر كل منهم عن حاله ووجده في السماع، فأيُّ برهانٍ في هذا؟ وأي دليل لمن نصح نفسه وألهم رشده ووقاه الله شرَّ نفسه، حتى يجعل هذه الحكايات قدوة، ويدعو الناس بها إلى قرآن الشيطان وسماعه والتقرب به إلى الله؟

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ ... وإن كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظم (٢)

وأما الوجه المفصل [١٣٢ ب] فنذكر ما في كل جملة من هذا الكلام من الحق والباطل، وما يحتمل الأمرين، ونعطي كل ذي حق حقَّه، قضاءً لحق (٣) النصيحة، واتباعًا لمرضاة الرب تعالى، وبراءةً من العصبية، وإيثارًا للعلم والعدل، ولا قوةَ إلا بالله.


(١) "شيء" ليست في الأصل.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) في الأصل: "بحق".