للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّرَك لصيد النفوس، ولا أدار على الندامى بعد كؤوس الخمر مثل هذه الكؤوس، وما عَلِقَتْ حبائل هذا الشَّرك بقلبٍ إلا وعزَّ استنقاذُه على الناصحين، ولا أسرَ به من أسيرٍ إلَّا وتعذر فكاكُه على المخلصين (١).

بَرِئنا إلى الله من معشرٍ ... بهم مرضٌ من سماعِ الغنا

وكم قلتُ يا قومِ أنتم على ... شفا جُرُفٍ فاسْتَهانوا بنا

ولما استمرُّوا على غيِّهم ... رجعنا إلى الله في رُشْدنا

فعِشنا على ملة المصطفى ... وماتوا على تَاتِنا تَنْتَنا

فصل

ومن مفاسده: أنَّه يُثقِل على القلوب الفكرَ في معاني القرآن وحقائق الإيمان، فبحسب انصرافه إلى السماع يكون انصرافه عن ذلك، فمستقِلٌّ ومستكثر، وكذلك يُثقِل على اللسان ذكرَ الله، وإن خف الذكر على لسانه كان ذكرًا مجردًا عن مواطأة القلب للسان (٢)، وهذا أمر يعلمه السماعي الصادق من نفسه، ولا يمكنه جحده بقلبه، فما اجتمع السماع والذكر والقرآن في موطن إلا وطردَ أحدهما الآخر، فلا يجتمعان إلا حربًا، لا يجتمعان سلمًا قط.


(١) بعدها في ع: "من قول المصنف". والأبيات في "إغاثة اللهفان" (١/ ٤٠٣) بلا نسبة. انتهج فيها نهج الأبيات التي أنشدها ابن القشيري في الرد على "الشفا" لابن سينا. انظر "مجموع الفتاوى" (٩/ ٢٥٣) و"الرد على المنطقيين" (ص ٥١٠).
(٢) ع: "اللسان". ك: "واللسان".