للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظاهرة العاصمة للدم والمال، والإيمان: الحقائق الباطنة المُنجِية من النار، والإحسان: المقامات العالية التي ينال (١) بها الدرجاتِ العلى، والقربَ من الله سبحانه، والدخولَ في زمرة المقربين من عباده.

ولا ريب أن المحبين رُفِع لهم لواءٌ فشمَّروا إليه، وخفي ذلك اللواء عمن أعرض عن هذا الشأن واشتغل بغيره، ولكن سلك كثير منهم إليه على غير دَرْبِ (٢) الإيمان والإحسان، فبعُدوا من مطلوبهم على قدر انحرافهم، فالصادقون من أرباب السماع شمَّروا إلى علم المحبة، ورأوا أن السماع من الأسباب التي يُتوصَّل بها إلى ظهور الكوامن الباطنة من محبة الله، والشوق إليه، والارتياح إلى قربه ولقائه، وتوابع ذلك من الحزن على التقصير والتفريط في طاعته في (٣) الأيام الخالية، والندمِ والأسفِ على ما فَرَطَ من العبد من أسباب عَتْبِ الله عليه، وإبعادِه إيَّاه، والخوف [٣٤ ب] من طرده عن بابه، ووقوع الحجاب بينه وبين ربه، ورأوا (٤) حاديًا يحدو بالأرواح إلى بلاد الأفراح، فيطيب لها السيرُ، فإذا حدا لها الحادي جدَّتْ في السير على ظهور عَزَمَاتها، لا تَلْوِي على أهل ولا مال، كما قيل (٥):


(١) ك: "نال".
(٢) ك: "ذوق".
(٣) ع: "والتفريط في إضاعة".
(٤) ع: "ورأوه".
(٥) الأبيات لإدريس بن أبي حفصة، كما في "ديوان المعاني" (١/ ٦٣). وتخريجها في "روضة المحبين" (ص ١١٣).