للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاتحادية والباطنية والفلاسفة والحلولية.

فالتحقُّق بالحقِّ الذي بعث الله به رسلَه ولا يَقبلُ من أحدٍ سواه لا يحصُلُ بالإصغاء إلى هذا السماع البتَّةَ، وإنما يحصل بالإصغاء إلى سماعِ الوحي الذي أنزله الله على رسوله.

فدَعْ عنك أيها السماعاتيُّ الأمانيَّ الباطلةَ والغرورَ، ولا تتشبَّعْ بما لم تُعطَ (١)، فالمتشبِّعُ بما لم يُعطَ كلابِس ثَوبَيْ زورٍ (٢).

ثم قوله في السماع إنه "واردُ حقٍّ يُزعِجُ القلوبَ إلى الحق".

يقال له: إن كان يُزعِجُ بعضَ القلوبَ أحيانًا فالأغلبُ عليه أن يُزعجها إلى الباطل، وقلَّ ما يُزعِجَها إلى الحقِّ محضًا.

بل قد يقال: إنه لا يفعل ذلك بحالٍ، بل لابدَّ أن يُضَمَّ إلى ذلك الحقِّ شيءٌ من الباطل، فيُزعِج إلى الشركِ الجليِّ أو الخفيِّ، فإنَّ ما يُزعِجُ إليه هذا السماعُ قدرٌ مشتركٌ بين الخالقِ والمخلوقِ، وذلك لا يُعطي توحيدًا ولا إيمانًا ولا معرفةً، بل إنما يُعطي شِركًا ونفاقًا، ولهذا لم يذكره الله في القرآن إلا عن المشركين (٣).


(١) ع: "يعط".
(٢) كما في حديث أسماء - رضي الله عنها - الذي أخرجه البخاري (٥٢١٩)، ومسلم (٢١٣٠). وأخرجه مسلم (٢١٢٩) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: ٣٥].