وأكثرُ توبة الخواصِّ: من السيئات القلبية والإرادات المزاحمة لمراد الربِّ منهم، ومن تركِ الحسنات، ومن الاشتغال بحسنة عمَّا هو أكبرُ منها، ومن غفلتهم عن شهود المنَّة في الحسنات.
وغالبُ توبة العوامِّ: من السيئات البدنية والشُّبهات المتعلقة بها.
فأعلى الناس مرتبةً من لم تُضِلَّه الشبهات، ولم تُغْوِه الشهوات، كما قال تعالى عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٢ - ٣].
فالناس ثلاثة أقسام:
السابقون المقرَّبون، يتوبون من ترك الحسنات، والاشتغالِ عن الحسنة الكبيرة بأصغرَ منها.
والمقتصدون، توبتهم من مواقعة السيئات.
والظالمون: يُذنبون ولا يتوبون.
وسمع آخرُ قارئًا يقرأ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم: ٢٤ - ٢٥]، فقال: غرسَ الله أطيبَ الكلمات ــ وهي كلمة التوحيد ــ في أطيب المحالِّ وهي قلوبُ الموحدين من عباده، فأثمرتْ أطيبَ الثمرات وهي العمل الصالح والكَلِمُ الطيب، فنقل هذا الغِراس إلى دار الطيبينَ أطيبِ الدُّور، فأثمر لهم هناك أطيبَ الثمرات وأجلَّها.