فجعل القلوبَ ثلاثةً: قلبَين شقيَّينِ، وهما المريض والقاسي. وقلبًا سعيدًا، وهو المخبت. والإخباتُ: اللِّينُ والتواضع والانخفاضُ للحقِّ، والخَبْتُ: المكانُ المنخفضُ.
وهذا لأنَّ القلبَ إمَّا أن يكونَ يابسًا لا يقبلُ الحقَّ، فهو القاسي. أو ضعيفًا لا يثبت فيه الحقُّ، فهو المريض. أو صافيًا ليِّنًا صُلْبًا، يرى الحقَّ بصفائِه، ويقبلُه بلينِه، ويحفظُهُ بصلابِتِه.
فالأول: القلب الحجريُّ، لا يقبلُ صورةَ الحقِّ، ولا ينطبعُ فيه.
والثاني: المريض المعلولُ، إن قبِلَها زالت بسرعةٍ، كالماء يقبلُ صورةَ ما ينطبعُ ثم يزولُ أسرعَ شيءٍ.
والثالث: القلب الزجاجيُّ، المشتمل على الصَّفاء والرِّقَّةِ والقوَّة؛ ولهذا ضرب الله به المثلَ لنوره، وجعله محلًّا له، فقال:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}[النور: ٣٥].