للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأملْ أطيبَ الكلمات بعد القرآن كيف لا تنبغي إلا لله، وهي: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله". فإن "سبحان الله" تتضمن تنزيهه عن كل نقص وعيب وسوء، وعن (١) خصائص المخلوقين وشبههم. و"الحمد لله" تتضمن إثبات كل كمال له قولًا وفعلًا ووصفًا، على أتمِّ الوجوه وأكملها أزلًا وأبدًا. و"لا إله إلا الله" تتضمن انفراده بالإلهية، وأن كل معبود سواه فباطل، وأنه وحده الإله الحق، وأنه من تألَّه غيرَه فهو بمنزلة من اتخذ بيتًا من بيوت العنكبوت يأوي إليه ويسكنه. و"الله أكبر" تتضمن أنه أكبر من كل شيء وأجلُّ وأعظم وأعز وأقوى وأقدر وأعلم وأحكم. فهذه الكلمات الطيبات لا تصلح هي ومعانيها إلا لله وحده.

ثم شرع له أن يُسلِّم على عباد الله الذين اصطفى بعد تقدّم الحمد والثناء عليه بما هو أهله، فطابق ذلك قوله: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: ٥٩]، وكأنه امتثال له. وأيضًا فإن هذا (٢) تحية المخلوق، فشُرعت بعد تحية الخالق، وقدّم في هذه التحية أولى الخلق بها، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي نالت أمته على يده (٣) كلَّ خير، وعلى نفسه بعده، وعلى سائر عباد الله الصالحين، وأخصهم بهذه التحية الأنبياء، ثم أصحاب


(١) "عن" ليست في ع.
(٢) ك: "هذه".
(٣) ع: "يديه".