للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله: "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن"، إن أريد به الحضّ على نفس الفعل كان ذمًّا لمن ترك التغني به، وإن أريد به المعنى الثاني، وهو أنَّه إذا تغنى فليتغنَّ بالقرآن، كان ذمًّا لمن تغنَّى بغيره، لا لمن ترك التغني به (١)، وبين المعنيين فرق ظاهر، وقد يصح أن يُرادَا معًا، وأنَّه ذمّ من ترك التغني به ومن تغنَّى بغيره. والله أعلم.

فصل

*قال صاحب الغناء (٢): صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "صوتان ملعونان: صوتُ ويلٍ عند مصيبة، وصوتُ مزمارٍ عند نِعْمة" (٣). ومفهوم خطابه يقتضي إباحة غير هذين الصوتين في غير هاتين الحالتين، وإلا بطلت (٤) فائدة التخصيص.

*قال صاحب القرآن: هذا الحديث من أجود ما يُحتَجُّ به على تحريم الغناء، كما في اللفظ الآخر الصحيح: "إنما نَهَيْتُ عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نِعْمة: لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت


(١) "به" ليست في ع.
(٢) انظر "الرسالة القشيرية" (ص ٥٠٧).
(٣) أخرجه البزار في "مسنده" (٧٥١٣) والضياء المقدسي في "المختارة" (٢٢٠٠) عن أنس بن مالك، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٣/ ١٣): رجاله ثقات. وانظر "السلسلة الصحيحة" (٤٢٨).
(٤) ع: "لبطلت".