للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمفرده لم يلزم من ذلك إباحتهما عند اجتماعهما، فإن التركيب له خاصَّةٌ يتغير الحكم بها. وهذه الحجة بمنزلة حجة من قال: إن خبر الواحد إذا لم يُفِدِ العلم عند انفراده لم يُفِده (١) مع انضمامه إلى غيره، وهي نظير ما يُحكى عن إياس بن معاوية أن رجلًا قال له: ما تقول في الماء؟ قال: حلال، قال: فالتمر؟ قال: حلال، قال: فالنبيذ ماء وتمر، فكيف تُحرِّمه؟ فقال له إياس: أرأيتَ لو ضربتُك بكفّ من تراب أكنتُ أقتلك؟ قال: لا. قال: فإن ضربتك بكفّ من تِبْنٍ أكنتُ أقتلك؟ قال: لا، قال: فإن ضربتك بماء أكنت أقتلك؟ قال: لا، قال: فإن أخذت الماء والتبن والتراب، فجعلته طينًا وتركته حتى يَجِفّ، وضربتك به (٢) أكنتُ أقتلك؟ قال: نعم. قال: [٧٥ ب]: كذلك النبيذ (٣).

ومعنى كلامه أن المؤثر هو القوة الحاصلة بالتركيب، وكذلك المفسد للعقل هو القوة المسكرة الحاصلة بالتركيب. وكذلك ما نحن فيه، الذي يُسكِر النفوس ويُلهِيها ويَصُدُّها عن ذكر الله وعن الصلاة، قوةٌ تحصل بالتركيب والهيئة الاجتماعية، وليست الأصوات المجتمعة في استفزازها (٤) للنفوس بمنزلة صوت واحدٍ. وكذلك ليس الصوت


(١) ع: "يفد".
(٢) "به" ليست في ع.
(٣) الخبر في "أخبار القضاة" لوكيع (١/ ٣٤٩).
(٤) ع: "استقرارها" تصحيف.