للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالدخول في الشيء أكملُ وأتمُّ من قرة العين به قبل الدخول فيه (١). ولما جاء إلى راحة القلب من تعبِه ونَصَبِه قال: "يا بلالُ أرِحْنا بالصلاة" (٢) أي أقِمْها لنستريحَ بها من مقاساة الشواغل، كما يستريح التعبان إذا وصل إلى نُزلِه (٣) وقرّ فيه وسكن.

وتأمَّلْ كيف قال: أرِحْنا بها، ولم يقل: أرِحْنا منها، كما يقوله المتكلف بها الذي يفعلها تكلفًا وغُرمًا، فهو لما امتلأ قلبه بغيرها وجاءت قاطعةً عن أشغاله ومحبوباته، وعلم أنه لا بدّ له منها، فهو قائل بلسان حاله وقالِه (٤): نصلِّي ونستريح من الصلاة، لا بها، فهذا لونٌ وذاك لون آخر، فالفرق بين مَن كانت الصلاة لجوارحه (٥) قيدًا ولقلبه سجنًا ولنفسه عائقًا، وبين مَن كانت الصلاة لقلبه (٦) نعيمًا، ولعينه قرة، ولجوارحه (٧) راحة، ولنفسه بستانًا ولذة.

فالأول الصلاة سجنٌ لنفسه وتقييدٌ لها عن التورط في مساقط


(١) "فيه" ليست في الأصل.
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣٦٤) وأبو داود (٤٩٨٥) من طريق سالم بن أبي الجعد عن رجل من أسلم مرفوعًا، ورجاله ثقات. وفي إسناده اختلاف. انظر علل الدارقطني (٤/ ١٢٠) وتعليق المحقق على المسند (٣٨/ ١٧٩).
(٣) في الأصل، ك: "نوله". ع: "منزله".
(٤) ك: "بلسان قالبه" تحريف.
(٥) في الأصل: "لحوائجه". والمثبت من ك، ع.
(٦) ع: "له".
(٧) في الأصل: "ولحوائجه". والمثبت من ك، ع.