للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن يتلقى ما يَرِد عليه من إشارة السماع، بمطالبة نفسه بحقوق العبودية، من تجريد التوحيد والإنابة إلى الله، وتعليق الهمِّ كله به، ولوم النفس في إيثارها بحظِّها (١) على مرضاته ومحابِّه.

ومنها: أن يكون في سماعه هذا لله وبالله ومع الله، ليكون له نصيب وافر من قوله: "فبي يسمع" (٢).

ومنها: أن يخلو السماع ممن لا تُؤمن الفتنةُ به، ممن لا يحل سماع صوته والتلذذ بالنظر إليه.

فبهذه الشروط أباح السماعَ من أباحه من القوم وحضره، ثمَّ قال عارف القوم وسيدهم بلا مدافع، الشيخ عبد القادر الكيلاني بعد ذكره آداب السماع: "ولو صدق القوم في قصدهم وتجردهم وتصوفهم، لما انزعجوا في قلوبهم وجوارحهم بغير سماع كتاب الله عزّ وجلّ، إذ هو كلام محبوبهم وصفته، وفيه ذكره وذكرهم، وذكر الأولين والآخرين، والماضين والغابرين، والمحب والمحبوب، والمريد والمراد، وعتاب المدَّعين لمحبته ولومهم وغير ذلك. فلما اختلَّ قصدهم وصدقهم، وظهرت دعواهم من غير بينة، وزُورُهم وقيامهم [٣٣ أ] مع الرسم


(١) ك: "حظا".
(٢) إشارة إلى الحديث القدسي الذي أخرج البخاري (٦٥٠٢) أصلَه من حديث أبي هريرة دون هذا اللفظ. وقد عزاه شيخ الإسلام في "الفتاوى" (٥/ ٥١١) والمؤلف في "الداء والدواء" (ص ٤٣٠) وغيره إلى البخاري. ولم أجده مسندًا إلا عند الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٢/ ١١٢، ٥/ ١٨٠ - دار النوادر).